السؤال : قال تعالى : { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ ... } (1) .
كيف يخاطب القرآن النبيّ هكذا ؟ ونحن نعرف عصمة النبيّ عن الخطأ ، هل النبيّ نسي أن يقول أن شاء الله ؟ أجيبوا جزاكم الله .
الجواب : الآية الكريمة لا تنافي العصمة عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، إذ الخطاب موجّه للمكلّفين ، والقرآن نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة ، وليس هو خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله) .
ثمّ على قول من قال أنّه خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله) ، فليس فيه ما يسيء إلى عصمته (صلى الله عليه وآله) ، إذ ذلك من الله تعالى تذكير لـه (صلى الله عليه وآله) ، بأنّ كُلّ أمر موقوف على إرادته واشائته ، فإن شاء كان ، وإن لم يشأ لم يكن ، وهو (صلى الله عليه وآله) غيرُ غافلٍ عن ذلك ، وقد شهد الله تعالى لـه بذلك ، فقال : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (2) ، وقال (صلى الله عليه وآله) : " أدّبني ربّي فأحسن تأديبي " (3) .
وقد كانت سنّة الأنبياء تعليق كُلّ شيء على إرادته تعالى ، فقال تعالى حكاية عن موسى : { قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا } (4) ، وقال حكاية عن شعيب : { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } (5) ، وقال حكاية عن إسماعيل : { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } (6) .
وهكذا هي سنّة الأنبياء في مخاطباتهم ، بل تعليق الفعل على إرادته سيرة الصالحين ، فكيف بخيرة الصالحين وخاتم الأنبياء والمرسلين يصدر منه خلاف إرادته تعالى ، ومن ثمّ يعاتب عليه ؟ فثبت أنّ ذلك خطاب للمكلّفين دونه (صلى الله عليه وآله) .
____________
1- الكهف : 23 ـ 24 .
2- القلم : 4 .
3- شرح نهج البلاغة 11 / 233 ، الجامع الصغير 1 / 51 ، كشف الخفاء 1 / 70 .
4- الكهف : 69 .
5- القصص : 27 .
6- الصافات : 102 .
( أحمد الأسدي . اندونيسيا . 26 سنة . خرّيج ثانوية ) النبيّ لم يكن مخاطباً في قولـه : { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ ... }
- الزيارات: 374